مقدمة
تمثل "الحوسبة السحابية في طبقة الستراتوسفير" (Stratospheric Cloud Computing) توجهًا تقنيًا ناشئًا يجمع بين علوم الحوسبة السحابية وتكنولوجيا الأنظمة الجوية شبه الفضائية، حيث تُنشر البنى التحتية السحابية – مثل الخوادم ومراكز المعالجة – في طبقة الستراتوسفير (الواقعة على ارتفاع يتراوح بين 10 و50 كم فوق سطح الأرض)، باستخدام منصات طائرة ثابتة (HAPs: High-Altitude Platforms) مثل المناطيد أو الطائرات بدون طيار.
هذا النموذج يقدم بديلاً مبتكرًا عن مراكز البيانات الأرضية والأقمار الصناعية، ويهدف إلى تقديم خدمات حوسبة واتصال موثوقة، مرنة، وفعالة من حيث التكلفة والطاقة.
الموقع الاستراتيجي
طبقة الستراتوسفير تتميز بارتفاعها الكبير عن سطح الأرض، مما يجعلها مثالية لتوفير تغطية اتصالات واسعة، مع زمن وصول أقل مقارنة بالأقمار الصناعية (Low Latency)، وأداء أعلى من الشبكات الأرضية في بعض البيئات النائية.
المنصات المستخدمة
تُستخدم أنظمة طيران عالية الارتفاع مثل:
مناطيد الهيليوم شبه الثابتة
طائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية
مركبات جوية خفيفة الوزن مزودة بخوادم موزعة
القدرة على التوسع والتوزيع
يمكن نشر بنية تحتية موزعة بسهولة في مناطق جغرافية واسعة، مع إمكانية تعديل موقع الخوادم حسب الحاجة، مما يتيح مرونة عالية في الاستجابة للكوارث أو دعم الأحداث ذات الكثافة العالية.
انخفاض التكلفة
لا تتطلب هذه الأنظمة بنية تحتية أرضية مكلفة، مما يقلل من النفقات الرأسمالية (CapEx) والتشغيلية (OpEx).
الاتصال في المناطق النائية
توفر هذه التقنية إمكانية إيصال خدمات الإنترنت والحوسبة إلى المناطق الريفية، أو المناطق المتضررة من الكوارث حيث تكون الشبكات التقليدية غير فعّالة.
الاستدامة البيئية
اعتماد أنظمة طيران تعمل بالطاقة الشمسية يقلل من الانبعاثات الكربونية مقارنة بمراكز البيانات التقليدية.
المرونة في النشر
يمكن إعادة نشر المنصات بسرعة لتغطية مواقع جديدة أو لتعزيز الأداء في مناطق معينة حسب الطلب.
الظروف الجوية
الطبقة الستراتوسفيرية قد تتعرض لتغيرات في درجة الحرارة والضغط الجوي، مما يتطلب تصميمًا دقيقًا للمنصات لضمان الثبات والمتانة.
الطاقة والتهوية
توفير طاقة مستدامة (مثل الطاقة الشمسية) في بيئة منخفضة الأكسجين، بالإضافة إلى تبريد مكونات الحوسبة، يشكل تحديًا هندسيًا كبيرًا.
الاستقرار القانوني والتنظيمي
تحتاج هذه الأنظمة إلى موافقات من سلطات الطيران والاتصالات في مختلف الدول، ما قد يعيق التوسع العالمي.
الأمان السيبراني
مثل أي بنية تحتية سحابية، تحتاج هذه المنصات إلى حماية متقدمة ضد الهجمات السيبرانية والتطفل على الاتصالات.
الإنترنت في المناطق غير المخدومة
مراكز بيانات متنقلة لدعم الكوارث الطبيعية
دعم المدن الذكية وشبكات إنترنت الأشياء (IoT)
العمليات العسكرية والمراقبة البيئية
خدمات بث عالية الدقة للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية
Project Loon (Google X - سابقًا): مشروع شهير اعتمد على مناطيد في طبقة الستراتوسفير لتوفير الإنترنت للمناطق النائية.
Airbus Zephyr: طائرة بدون طيار على ارتفاع عالٍ، مصممة لتقديم خدمات اتصالات متواصلة.
Facebook Aquila (تم إيقافه): مشروع سابق لتوفير الإنترنت عبر طائرات شمسية.
تمثل الحوسبة السحابية في طبقة الستراتوسفير نقلة نوعية في مجال البنى التحتية السحابية، إذ تدمج بين الابتكار الهندسي والتوسع الجغرافي والفعالية البيئية. وعلى الرغم من التحديات التقنية والتنظيمية التي تعترض طريقها، فإن الإمكانيات التي توفرها تجعل منها خيارًا واعدًا لمستقبل الاتصالات والحوسبة.
0 دقيقة و 0 ثانية
.